كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

كيف يمكن أن يغيّر علم الروبوتات مجال العمل والعالم بأكمله مستقبلاً؟ شارك FacebookTwitterWhatsAppالبريد الإلكتروني

طوال عقود عديدة طاردت فكرة الروبوتات أذهان العلماء والمخترعين، ولطالما كانت التصورات المستقبلية تركز على وجود هذه الآلات في حياتنا لتسهلها وتغيرها إلى حد بعيد، ومع أن طريق التقدم المتاح لا يزال طويلاً مع مجالات كبرى مفتوحة، فقد بدأت الروبوتات بتغيير عالم اليوم منذ الآن مع تطبيقات عديدة.

اليوم وفي العديد من المجالات أثبتت الروبوتات وعلم الروبوتيات (المجال العلمي الذي يتناول تقنيات التحكم الرقمي والروبوت) بما يتضمن برمجة الروبوت أهميتها الكبرى في حياتنا، وبات من الواضح أن التطورات التي تمت في السنوات الأخيرة كانت قفزات كبرى في المجال، مع كون المستقبل الذي ينتظر المجال مشرقاً للغاية مع العديد من الشركات والجهات التي تعمل على تطوير تقنيات الروبوتيات وتقدم منتجات هامة للغاية منذ الآن، وتلك التي تتجاهل علوم الروبوت تخاطر بإضعاف قدرتها على المنافسة مستقبلاً وخسارة مكانها في السوق حتى.

في هذا الموضوع سنستعرض بعضاً من أهم الاستخدامات المتاحة للروبوتات في عالم اليوم، وكيف من الممكن لعلم الروبوتيات أن يبني على أسس اليوم في هذه المجالات ليقدم إمكانيات أكبر في المستقبل.

أهم المجالات التي تظهر فيها أنواع الروبوت اليوم

منذ الآن باتت مختلف أنواع الروبوت منتشرة في عدة مجالات أساسية آخذة بالتوسع التدريجي، وبات من الجلي فوائد الروبوت في العديد منها. ولعل بعضاً من أهم هذه المجالات تتضمن:

تنظيم المستودعات وإعداد السلع للتوصيل

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

مع الازدياد الكبير لأهمية التجارة الإلكترونية عبر الإنترنت، بات شطر كبير من عمليات البيع يتم عبر الحواسيب مع وجود السلع في مخازن مخصصة والحاجة لتوزيعها بالشكل الصحيح لتوصيلها بالسرعة القصوى. ومع أن عمل المستودعات لا يزال عملاً بشرياً بمعظمه اليوم، فقد بدأت الشركات الكبرى مثل Amazon بالاعتماد على برمجة الروبوت بحيث بات هناك روبوتات معدة خصيصاً للعمل في المستودعات وتنظيم السلع للتوصيل لاحقاً.

في الواقع هناك اليوم العديد من الشركات التي تعمل على تصنيع وتطوير الروبوتات الخاصة بالمستودعات، ومن الواضح أن المجال يشهد نمواً كبيراً كون هذه الروبوتات أعلى دقة وأسرع أداءً وأقل تكلفة على المدى البعيد من الطرق التقليدية، ومع الوقت يتوقع أن توسع الروبوتات سيطرتها على مجال عمل المستودعات بشكل كبير.

القيادة الذاتية للسيارات والشاحنات وتقنيات الطيار الآلي

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

لطالما كانت فكرة السيارات أو الشاحنات التي تقوم بتوجيه نفسها بنفسها مغرية للغاية للجميع، وفي السنوات الأخيرة باتت فكرة القيادة الذاتية حقيقة واقعية وبالأخص مع سيارات Tesla بالإضافة للتقنيات التي تطورها كل من Google وUber وسواها، حيث بات هناك سيارات متاحة في الأسواق مع القدرة على القيادة الآلية دون الحاجة لتدخل بشري حقاً في معظم البيئات، ومستقبلاً من الممكن الوصول إلى سيارات لا تحتاج لسائق أو أدوات قيادة يدوية حتى ولعل هذه من أبرز فوائد الروبوت التي يمكن استعراضها اليوم بشكل واضح.

منذ الآن هناك الكثير من التطبيقات المتاحة لتقنيات القيادة الذاتية، حيث أنها تستخدم بشكل جزئي في السيارات كما أن الطائرات تستخدم “الطيار الآلي” منذ عقود الآن، لكن ومع الوقت ستصبح هذه التقنيات أهم بكثير وبالأخص في مجال سيارات الأجرة أو نقل البضائع عبر الشاحنات وسواها.

روبوتات المحادثة وخدمة الزبائن والمساعدات الرقمية

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

مع أنها ليست روبوتات فيزيائية في الواقع، بل أنها برمجيات عادة ما تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، فقد باتت روبوتات المحادثة (Chat Bots) واحدة من أكثر المجالات المثيرة للاهتمام مؤخراً وبات هناك أمثلة كثيرة عليها ومن بينها أمثلة هامة مثل “Eva” المساعد الرقمي الخاص ببنك الإمارات دبي الوطني.

باتت هذه الروبوتات تستخدم على نطاق واسع في مجال خدمة الزبائن من حيث الإجابة على الأسئلة وتقديم النصائح والمساعدة في حل المشاكل حتى. وتظهر الأهمية الكبرى لهذه الروبوتات من كونها تعمل على مدار الساعة دون مشاكل، وتوفر المعلومات المطلوبة للزبائن مع توفير استخدام موظفين مختصين بخدمة الزبائن أو تقليل الاعتماد عليهم على الأقل.

في مجال قريب كفاية تأتي المساعدات الرقمية الشخصية مثل Google Assistant وSiri وAlexa وغيرها، إذ تستطيع هذه المساعدات الرقمية تمييز الصوت والإجابة على الأسئلة وتنفيذ بعض أنواع الأوامر الموجهة صوتياً إليها، ومنذ الآن تنتشر هذه المساعدات على نطاق واسع كما أنها تطورت بشكل كبير بات يتيح لها القيام بمحادثات أحياناً مع المستخدم وفهم الأسئلة ضمن السياق المطلوب حتى.

التصنيع عالي الدقة وحتى العمليات الجراحية

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

لعل واحدة من أهم الأشياء التي تتفوق فيها الآلات على البشر هي الدقة العالية جداً وشبه المثالية، لذا فقد كانت واحدة من أول استخدامات الأذرع الروبوتية هي عمليات التصنيع التي تحتاج إلى دقة عالية من غير الممكن الوصول إليها بالطرق التقليدية، وبالنتيجة بدأ استخدام هذه الأذرع منذ سنوات في مصانع السيارات والمصانع الأخرى كذلك وبالأخص في عمليات القطع واللحام عالية الدقة.

في سياق مستقل ظاهرياً لكن يشترك من حيث أهمية الدقة، فقد بدأت الروبوتات تظهر أهميتها الكبرى في المجال الطبي أيضاً، حيث تم إجراء العديد من العمليات الجراحية بالاعتماد على أذرع روبوتية يتحكم بها الجراح، وأثبتت هذه الروبوتات أهميتها بكونها تستطيع الوصول إلى الأماكن وتنفيذ الجراحات وحتى خياطة الجروح بشكل ذي دقة أعلى مع تقليل احتمال الخطأ البشري إلى أدنى حد ممكن.

استبدال البشر في بيئات خطرة والتعامل معها

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

على عكس البشر حيث هناك العديد من الأخطار المحتملة على الصحة والتي لا يمكن المخاطرة بها، يمكن تصميم الروبوتات للتعامل مع العديد من البيئات الخطرة وغير المناسبة للبشر، فهي لا تحتاج الأوكسجين مثلاً مما يجعلها مثالية في الفضاء الخارجي أو تحت الماء مثلاً، كما يمكن تصميمها لمقاومة الإشعاعات الخطرة والمواد الكيميائية لتتمنمناستبدال البشر في بيئات خطرة وغير تقليدية.

منذ الآن تعتمد العديد من قوى الشركة حول العالم على روبوتات مخصصة للتعامل مع المتفجرات، حيث أن فقدان روبوت يبقى خسارة لا تقارن بالفقد البشري واستخدام الروبوتات للمهام الخطرة يعني تقليل أخطار العمل وحماية الحياة البشرية بشكل أفضل.

في الواقع هناك نماذج روبوتات تطور منذ الآن لأغراض مثل العمل في الفضاء أو حتى إعداد المراحل الأولى من المستعمرات البشرية على كوكب المريخ مثلاً، كما أن الروبوتات المخصصة للبيئات الخطرة باتت مفيدة للغاية لاستكشاف المناطق عالية الخطورة مثل مواقع الكوارث النووية كمحطة تشيرنوبيل في أوكرانيا أو فوكوشيما في اليابان.

أمثلة على بعض من أهم أنواع الروبوت الموجودة اليوم

تنقسم أنواع الروبوت المتاحة اليوم إلى فئتين أساسيتين: تلك الخاصة بمجال التصنيع أو التي تشبه البشر في المظهر والسلوك والتي عادة ما تسمى باسم “الإنساليات” كدمج بين كلمتي الإنسان والآليات.

الروبوت صوفيا (Sophia)

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

تم تطوير صوفيا من قبل شركة Hanson Robotics التي تتخذ من هونغ كونغ مقراً لها، حيث تم تشغيل الروبوت التي تشبه البشر في المظهر والسلوك عام 2016، ومنذ حينها خطفت الأنظار بفضل مهارات التواصل والقدرة على المحادثة والشبه الكبير بالجسم البشري حتى، وفي نهاية عام 2017 كانت صوفيا أول روبوت يحصل على جنسية أي بلد عندما منحت الجنسية السعودية حينها.

تمتلك صوفيا 9 روبوتات شقيقة على الأقل من تطوير نفس الشركة، ويعد برنامج تطوير هذه الروبوتات واحداً من أكثر البرامج الواعدة للروبوتات المشابهة للبشر والقادرة على التواصل الفعال والمحادثة بشكل لم يكن معتاداً للروبوتات في الماضي.

روبوتات شركة Boston Dynamics

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

اشتهرت شركة Boston Dynamics على نطاق واسع بفضل الفيديوهات التي تستعرض قدرات روبوتاتها المميزة للغاية، وعلى عكس صوفيا تركز هذه الروبوتات على النواحي الميكانيكية من حيث الحركة والمرونة والتوازن مما يجعلها موجهة للقطاع الصناعي بالدرجة الأولى.

معظم روبوتات الشركة مشابهة للحيوانات وتسير على أرجل معدنية بشكل مشابه جداً للحيوانات الحقيقية، كما أن جميع روبوتات الشركة تمتلك توازناً استثنائياً، وتستطيع التعامل مع الصدمات والعوائق أمامها بشكل ممتاز، وحتى في حال إسقاطها أرضاً تستطيع النهوض مجدداً والعودة لإتمام مهامها.

من بين مختلف روبوتات الشركة لعل أكثرها إثارة للاهتمام هي “Atlas” الروبوت الذي يقف على طرفيه الخلفيين ويسير بشكل مشابه للبشر، وكذلك روبوت SpotMini الذي سيكون أول روبوتات الشركة المتاحة للشراء بشكل تجاري.

روبوت Asimo

كيف يغير علم الروبوتيات حاضرنا ويرسم ملامح مستقبلنا في ذات الوقت؟

تم استعراض روبوت Asimo للمرة الأولى عام 2000 من قبل شركة Honda اليابانية، ومنذ حينها تم تطوير الروبوت بشكل هائل وبات يمتلك قدرات كبرى من حيث قدرته على الحركة وإدراك البيئة المحيطة به وحتى التواصل مع البشر وتمييز الأشكال ولغة الجسد والأصوات.

مع أن Asimo لا يزال أشبه باستعراض للتقنيات الجديدة دون أي توجه مخصص حقاً، فهو واحد من أهم الروبوتات المتاحة اليوم كونه يجمع عدة نواحٍ مختلفة بكونه “روبوتاً اجتماعياً” من جهة، وقادراً على الحركة الحرة وحتى صعود الدرج والركض من الجهة الأخرى.

تعرف على مستقبل مجال الروبوتيكس في حدث LEAP التقني الأهم في المنطقة

بدعم من وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في السعودية سيقام حدث LEAP التقني العملاق في شهر فبراير من عام 2021 المقبل، وسيتضمن الحدث مؤتمراً كبيراً مع مئات المتحدثين ومعرضاً ضخماً لمختلف التقنيات الهامة ومنها بالطبع سيتحدث عن تعريف الروبوت وتقنياته، وبرمجة الروبوتات والروبوتات الافتراضية التي تتطور بشكل سريع في الفترة الأخيرة والتقنيات المهتمة بدراسة الروبوتات.

يشكل حدث LEAP نقطة تحول مهمة في مسيرة الإصلاح في المملكة كما أنه أساسي ضمن رؤية السعودية 2030 التي تطمح لنقل الاقتصاد السعودي إلى عصر ما بعد النفط، بالإضافة لجعل المملكة المركز التقني الأهم إقليمياً وأحد أهم مراكز التقنية عالمياً. وبحضور أهم الشركات التقنية الكبرى لا شك بكون حدث LEAP لا يفوت للمهتمين بالمجال التقني أو بفروعه العديدة مثل الروبوتيكس.

المصدر